إعجاز قرآني في الاندكاك {فأجاها المخاض}
هل تعرفون أنَّ في اللغةِ العربيةِ خَاصِّيَّةَ المَزْجِ والانْدِكَاكِ بين أكثرَ مِنْ فِعْلٍ بِمَعَانٍ مختلفة، لِتُصْبِحَ فِعْلًا وَاحِدًا مُتَعَدِّدَ الأَبْعَادِ، وكلُّ بُعْدٍ يشيرُ إلىٰ معنىٰ، ولكنْ بِلِحَاظَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ؟!
الاندكاك في الفعل (أجاء)
قالَ تعالىٰ عَنْ ساعةِ ولادةِ السيدةِ العذراءِ مريمَ (عليها وعلىٰ وليدها السلام): {فَـ(أَجَاءَهَا) الْمَخَاضُ إِلىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ}.
وهذا الْفِعْلُ (أجاءَ) مزيجُ اندكاكٍ بين أفعالٍ ثلاثةٍ، وهي: (جَاءَ- فَاجَأَ - أَلْجَأَ) بالإضافة إلىٰ [أَلِفِ] التَّعْدِيَةِ في أوَّلِه.
وتوضيحه:
🔹(جَاءَ): ويعني انتقلَ مِنْ مكانٍ إلىٰ مكانٍ آخرَ ولكنْ مَعَ كُلْفَةٍ ومشقَّةِ. وقدِ استعمِلَ في الآيةِ بلحاظِ مجيءِ وقتِ المخاضِ الشَّاقِّ والعسيرِ والمُؤْلِمِ.
🔹 (فَاجَأَ): ويعني جَاءَ بَغْتَةً؛ حيثُ لم يكنْ في الحُسْبَانِ. وقدِ استعمِلَ في الآيةِ بلحاظِ أنَّ المخاضَ قَدْ حَضَرَ السيِّدَةَ مريمَ بَغْتَةً وَمِنْ دونِ سابقِ إنذارٍ.
🔹 (أَلْجَأَ): أَلْجَأَهُ إلىٰ الشيءِ؛ يعني اضطرَّه إليه. وقدِ استعمِلَ في الآيةِ بلحاظِ أنَّ ألَمَ المخاضِ أَعْجَزَهَا (عليها السلام) عَنِ البقاءِ واقفةً، مِمَّا اضطرَّها للتَّوَجُّهِ إلىٰ جِذْعِ نخلةٍ حتىٰ تُسْنِدَ ظَهْرَهَا إليهِ أثناءَ وَضْعِ مولودِها.
خلاصة البحث
بناءً علىٰ ما تقدَّمَ، عَرَفْنَا أنَّ معنىٰ قَوْلِهِ تعالىٰ: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ} هو: (فَاجَأَ) أَلَمُ الْمَخَاضِ السيدةَ العذراءَ، مِمَّا (ألْجَأَها) إلىٰ (المجيءِ) الشاقِّ إلىٰ جذعِ نخلةٍ حتىٰ تُسْنِدَ ظهرَها إليهِ أثناءَ ولادتِها. (وَفَوْقَ كلِّ ذي عِلْمٍ عَلِيْمٌ).
➖➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|