﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 الإسلام القرآني 

القسم : متفرقات عقائدية   ||   التاريخ : 2025 / 08 / 23   ||   القرّاء : 71

🔴 الإسلام القرآني

قالَ تعالىٰ: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (١٩)} [آل عمران].

إنَّ الإسلامَ بالمعنى الأعمِّ الذي ذكرَه القرآنُ كدينٍ أوْحَدٍ، ليس الإسلامَ (الشريعةَ) الذي جاءَ به النبيُّ محمَّدٌ (صلَّى اللّٰهُ عليه وآلِه وصحبِه وسلَّم) بما فيه مِنْ عباداتٍ خاصَّةٍ يمارسُها (مُسْلِمُو) اليومِ، ولا إسلامَ (الواجباتِ والنواهي) التي يلتزمون بها؛ لبداهةِ أنَّ عباداتِ الأنبياءِ (عليهم السلام) وشرائعَهم سابقةٌ للإسلامِ المُحَمَّدِيِّ، وبالتالي فهي غيرُ مطابقةٍ له، ورغمَ ذلك نعتَ اللّٰهُ جميعَ أنبيائِه بالمسلمين، فلو توقَّفَ الإسلامُ علىٰ الشريعةِ والعباداتِ المحمَّديَّةِ، لَمَا صَدَقَ عنوانُه علىٰ جميعِ الأنبياءِ الذين سبقوا محمَّدًا؛ قالَ تعالىٰ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦)} [البقرة]. 

فما هو إذًا هذا الإسلامُ؟!

إنَّ الإسلامَ الذي يُشَكِّلُ الوِحْدَةَ العَقَدِيَّةَ الإيمانيَّةَ التي بَشَّرَ بها الأنبياءُ والرسلُ ودانوا بها، والإسلامُ الذي مَنْ يبتغي غيرَه لَنْ يُقْبَلَ منه، ولا ينجو يومَ القيامةِ بسِواهُ، هو تلكَ الحقيقةُ الفِطْرِيَّةُ التي جُبِلَ عليها الإنسانُ بأركانِها الثلاثةِ، والتي يَتَّفِقُ عليها أهلُ الشرائعِ الإبراهيميَّةِ اليومَ؛ وهيَ: (الإيمانُ باللّٰهِ، واليومِ الآخرِ، والعملِ الصالحِ)؛ قالَ تعالىٰ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} [البقرة].

 يا لها مِنْ معادلةٍ بسيطةٍ لا تحتاجُ سوىٰ التَّنَبُّهِ إليها واعتناقِها بِصِدْقٍ. 

وبناءً عليهِ، مَنْ اعْتَنَقَ هذه الأركانَ الثلاثةَ صادِقًا مُخْلِصًا مطمئنًّا لصحَّتِها، فهو (مسلمٌ)؛ سواءٌ عَبَدَ اللّٰهَ في (الكنيسِ) أم (الكنيسةِ) أم (المسجدِ). وهو نفسُه المسلمُ الذي عَرَّفَهُ النبيُّ محمَّدٌ، فقال: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ"؛ لأنَّ إيمانَه الصادقَ باللّٰهِ واليومِ الآخرِ سَيَسُوْقُهُ تلقائيًّا إلىٰ العملِ الصالحِ، وَيَصُدُّهُ عَنِ الإفسادِ في الأرضِ.

 

الإسلام والإجرام

قالَ تعالىٰ: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)} [القلم]؛ وَبَيَانُها:

قابلَ اللّٰهُ الإسلامَ بالإجرامِ؛ يعني المسلمُ مقابلُ المجرمِ، ولكي نَفْقَهَ دلالةَ هذا التقابلِ، نقولُ:

(الإسلامُ) مِنَ التسليمِ والانقيادِ، فالمسلمُ: (مَنْ سَلَّمَ أي - آمَنَ - بوجودِ خالقٍ للكونِ، وبيومٍ يَبْعَثُ فيه الخالقُ خَلْقَهُ لِيُجَازُوا علىٰ أعمالِهم، ثمَّ دعاهُ إسلامُه لِيَصِلَ اللّٰهَ فَيَنْقَادَ إليهِ بِما يُرْضِيهِ في كلِّ عملٍ يعملُه).

وإنْ أرَدْنا الإيجازَ: (المُسْلِمُ مَنْ وَصَلَ اللّٰهَ حَتَّىٰ صَلُحَ وَأَصْلَحَ)؛ ولذلك قابلَه اللّٰهُ بالمُجْرمِ؛ لأنَّ (الإجرامَ) مِنْ جَرَمَ الشيءَ؛ أي قطعَه بل قَطَّعَه طُولًا وَعَرْضًا بالضغطِ عليهِ والتحريكِ فوقَه مرَّة بعدَ مرََة حتىٰ ينسلخَ عَنْ بعضِه نهائيًّا؛ كما يَجْرُمُ الجَزَّارُ اللحمَ مُقَطِّعًا أوصالَه حتىٰ مِنْ صِغارِ النَسْراتِ؛ وهكذا فالمجرمُ: (مَنْ قطعَ صِلَتَهُ باللّٰهِ حَتَّىٰ فَسُدَ وَأَفْسَدَ). وبهذه القطيعةِ لا يكونُ بينَه وبينَ اللّٰهِ يومَ القيامةِ ما يَسْأَلُه عنه؛ فَبِئْسَ مَثْوَىٰ المجرمين؛ وهذا ما أشارَ إليه تعالىٰ في قولِه: {... وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [سورة القصص: 78]

 

خلاصة القول

صحيحٌ أنَّنا نختلفُ في تفاصيلِ معتقداتِنا، ولكنْ بعد أنْ قَبِلَ اللّٰهُ إيمانَنا جميعًا الذي رَكَنَّا واطمأنَنَّا إليه علىٰ ما هو عليه مِنْ اختلافٍ مَعَ غيرِه، وبشَّرَنا بالأَجْرِ والأمْنِ والسعادةِ، شريطةَ عدمِ الإخلالِ بأحدِ الأركانِ الثلاثةِ المتقدِّمةِ، لا يَعْدُو إنكارُنا ورفضُ بعضِنا بعضًا عَنْ كَوْنِهِ مُزايَدَةً علىٰ اللّٰهِ (جَلَّ وَعَلا) يَبْرَأُ منها كما يبرأُ الهُدَىٰ مِنَ الضلالِ.

➖➖➖➖➖➖➖➖

د. السيد حسين علي الحسيني 

واتساب: 009613804079 



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 التحايل السياسي (الإمام علي والمغيرة - نُصْحُ اليومِ وتحايلُ الغدِ)

 الإسلام القرآني

 

 انتقال السيدة العذراء

 أرز الله

 جراح الطفولة وأقنعة الأنا

 الذكورية في استعراضات الأنثى

 العائلة نواة المجتمع

 وَهْمُ الكمالِ

 شجرة_البؤس: (رؤية تحليليَّة)

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 التحايل السياسي (الإمام علي والمغيرة - نُصْحُ اليومِ وتحايلُ الغدِ)

 إمامة الأئمّة الأحد عشَر بعد عليّ (عليه السلام)

 نيابة مشغول الذمة بالحج

 التحية بين الرجال والنساء

 ذو المعارج النور

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 مد اللين

 مِلك ما تعلق به الخمس

 لما يخاف منه ويكره

 الناصر العلاّم

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net